Thursday, August 14, 2008,9:13 AM
رجاء وأحزان أخري
العام يماطل في إعلان اكتمال حصته من الحزن، فبراير اللص الأمهر يسرق مني رفيق الإكتشافات الصغيرة،أبيات الشعر والسطور المسكرات، مرشد رحلات الإغتراب والعودة، الشعر والنثر، حكايا القرية والمدينة الواسعة حد التيه والفتي الوردي الذي يكلم المساء، يلقنني درسا في الحزن ، الحزن الحق الذي لا يمنحك ترف التفكير ونظم سطور التأبين، الحزن يقارب الدهشة! يتركك صموتا تقلب أوراقا وهميه برائحة طفولة وورود جافة ، ضحكات خجلة ومآس صغيرة وموسيقي ناعسة، في الخلفية صوت رجاء يعلن رأيه الذي سيصير بعد دقائق رأيك أيضا في سطور قرأتها بعينين تشبهان عينيه وانبهار مساو لانبهاره

أسلمه عقلا يفارق الطفولة متمهلا على أعتاب الثانية عشرة يتعجل النضج فيعلمني ان الأديب – على العكس-لابد له من عيني طفل مندهشتين تبحران في الوجوه والسطور والحكايا، تبحثان عن الموسيقي في وقع الخطوات ليلا وارتعاشات الكمان ومواء القطط، عينان لا تفارقهما البريق النزق والابتسامات السكاري حين تنسكب حبا بين السطور

حكاء ماهر ألقاني لاغتراب سطور الطيب صالح كان عادلا فلم يحدثني عن أوجه الشبه بين الرواية وروايات ٌأخر والاقتباس الحسن، حدثني عن خلفيات الكتابة وخلفية الكاتب وموسيقي الحروف والتصوف غير الزاهد وتابوهات المجتمع المنغلق فاتفقنا للأبد علي البحث عن اللآلئ وسط أشواك التعابير، وكنا قد اتفقنا قبلا أن القراءة عشق والتذوق عشق والعاشق الحق لا يمل الحديث عن معشوقته فلم أمل حديثه ولم يمل البحث عن لآلئ أخري ينثرها تحت الشمس فتزداد جلالا، وازداد له حبا

درويش عاشق أغرقني في شعر العشق وعشق الشعر بالنمط المختلف لدي حجازي، في تيه السائر بشوارع قاهرة لا تعرفه ودروب نفس لا يعرفها، في رهبه اللقاء ورهبه إلي اللقاء، اتفقنا على كراهة الفراق وموت الأحياء وهم أحياء، مفضلين الانعزال حين تدور الحروب في سبيل اللاشيء

فتي ثائر يحترق بالثورة والحزن في شعر القاسم و درويش ، يفتح الباب لشعر صريح الحزن والقوة وآخر رقيق حد الشفافية في مرثيات للحب ومرثيات للوطن، يرسم منمنمات رقيقة عمن أثروا في شخصيته رغم عدائي لهذا اللون من الكتابات لكن أي ممانعة ترجي وابتسامته الطفولية ترتسم بين السطور وعباراته قصيرة الجمل تغزل خيوطها من حولك، جميل كان حتى في مبالغاته ومشاريعه التي لم تكتمل، وصمته المهيب

من أين لك بالسطور كي تنعي أصدقاء العمر يا رجاء، فانا حين أتي وقت الرثاء أغلقت كتابك النائم فوق وسادتي أبدا ونذرت الصمت

*أليمة إلي اللقاء، وأصبحوا بخير
وكل ألفاظ الوداع مرة
والموت مر
الآن اقرأ نعيك لرجاء يا درويشي الفقيد واعود للمرة الأولي التي يطالعني فيها اسمك وأنا بعد صغيرة، وتلقائية البحث عنك بين سطور رجاء، أصارحك الآن بأني ما كنت لاقرأ كل حرف كتبته لولا سطور رجاء الموجعات عن شعر –وشاعر- الأرض المسروقة، لأجدك متفهما اتكالي علي عينيه الصادقتين في الحكم الأول عليك، لأجدك ممتنا لمساعدته جناحك علي الطيران التدريجي، وتبشيره بحلولك –وآخرين غرمت بهم-مقتحمين ومجددين
متفهما أنا كنا نراك من خلال عينيه وهو لأمر-وأنت تعرف- فريد، فتحولت مرثيته لاحتفالية غير حزينة، احتفالية شاكرة لفتانا الذي كان يجول في الطريق
يستقبل الفارين من وجه الظلام
ويوقد الشموع من كلامه الوديع**

الآن وقد طالتك أحزان العام أقترن حزن بحزن، حزن غريب الوقع يبتلع السطور حتى الرثاء يا صديقي عصي،
فمن أين لي بالكلمات لوصف زهر اللوز، قد قلتها قبلا والآن أقول صدقت.

------
* قصيدة لأحمد حجازي من ديوانه الأول الذي كتب مقدمته رجاء النقاش
** قصيدة "عن الأميرة والفتي الذي يكلم المساء" من نفس الديوان حول رجاء نفسه
 
Posted by saso | Permalink | 17 comments
Cheer Up It's Spring Time is dedicated and designed by ferekico Special thanks and real appreciation for ferekico